عزيزي يا صاحب الظل الطويل || لماذا نتمنى ما لا نعمل لأجله؟

عزيزي يا صاحب الظل الطويل.. إن الواحد منّا يعجز عن بثّ شكواه، ويعيش ألمه وكثير أفكاره وحِيرته وسيّء مشاعره ومخاوف قلبه وحده، يحملها على عاتقه ويتجوّل بحثًا عن الأمان وعن يدٍ ممتدة تعينه على نوائب نفسه والحياة وكثير العثرات، يتجوّل بحثًا عن ركنٍ آمِن يُفضي إليه خلجات قلبه دون تردد وحيرة، وحينما يوشك أن يمسك تلك اليد، ويُلقي بكُلّه في ذلك الركن يجد الخوف حاجزًا يحول بينه وبين هدوء عقله وسكون قلبه، يخاف ألا يُفهم ويُكسر ويُخذل وأن يُترَك وحيدًا عند اعتياده الأمان.. لذلك يتّخذ ماهو عكس سجيّته درعًا يحميه من لُطفٍ غير معهود، وفائض شعوره المخيف.. عزيزي، إن هذه النفس غريبة، غريبةٌ جدًا، وكلما ظنّ الواحد منّا أنّه قد أدرك مداخل نفسه يتفاجأ بجهله التّام لها.. ما معنى أن يتّخذ الإنسان قرارات عكس إرادته ويعيش مالا يُريد عيشه، ويتمنّى ما لا يعمل لأجله؟ ما معنى أن يكون الإنسان إلى هذا القدر كائن مترددٌ خائف لكنه يتّخذ أشجع القرارات وأصعبها؟ ما معنى أن يرغب الإنسان السهولة واليُسر ثم لا يلبث إلّا أن يختار الصعوبة؟ لا أجد تفسيرًا لكل هذا إلا لأنّه لم يأمن بعد، إنه يختبر كل ما هو محي...