إلى متى؟!
إلى متى؟ إلى متى ستظل الحياة تلعب لعبتها الخبيثة هذه!! تأخذنا حيث لا نريد وتُبعدنا عن حيث ننتمي، إلى متى سيظل الهم يُثقل أرواحنا ويُدمي قلوبنا وتعبث كل هذه الأحداث المتوالية المفاجئة الصادمة بمخالبها بكل شراسة بمشاعرنا وعواطفنا ترمي بنا أرضًا وتعنفنا بكل ما أوتيت من قوة!
إلى متى سنتظاهر بالقوة والسعادة والرضى وداخلنا يتقطّع ألمًا ومقتا وبغضًا، ولا يوجد في تحكمنا ما يُفعل إزاء ما يجري لنا وما حولنا غير البكاء في الظلمات بعيدًا عن أعين من هم حريّ بهم أن يساندوننا ويعينوننا على نوائب الحياة وعثراتها؟!
أتعبتنا هذه الهموم قطّعت أورِدتنا ونزف دم الحياة من شرايين أرواحنا قطرة قطرة، ليسقي الأرض التي نعيش عليها حتى يدفننا في باطنها، يدفننا بأحلامنا وآمالنا يدفن قلوبنا الصغيرة بعدما لاقت ما لاقت مما لا تحتمل ولا تستحق، يدفننا بآهاتنا وحسراتنا والكثير من الكلام الذي كاد يخنقنا والتساؤلات التي أرّقتنا ليالٍ وليال لم نجد لها إجابةً شافية بعد..
ولكن ليس كُل ما يُسأل يُجاب، وليس كل ما يُؤمَل يحدث، وليس كل ما يُتمنّى يُدرك.. هكذا هي الحياة التي كُتب لنا العيش فيها، لم ولن تكُن يومًا مُنصِفة أو حتى حانيّةً علينا بأقدارها.
إلى متى سيحكم الخوف قلوبنا والشكّ عقولنا في كل لحظة أمان انتظرناها بلهفة، ولحظة اطمئنان أسكنت قلوبنا المضطربة!!
ولكن ما خبرناه في الحياة أرغمنا على أن نرى الأمان ما هو إلا فخ لتسقطنا الحياة في شِباك اليأس والأسى من جديد، والطمأنينة ماهي إلا شعور مؤقّت يُمهّدنا لصدع آخر أثقل وطأة..
إلى متى؟!
لنتوقّف قليلًا عن طرح التساؤلات رحمةً بأرواحنا الذابلة وقلوبنا المُتصدّعة وعقولنا الحائرة، نتركها هذه الدنيا بكل مافيها من مشاق وظلم وتعب وضمأ ونصب، نتركها للقدر نتركها لمن قدّر لها أن تكون هكذا وقدّر الخير منها وفيها بأشكالٍ شتّى، لنتركها تأتي كيفما شاءت فما عدنا نطيق الكسرة بعد اللهفة والألم بعد الأمل، لنزهد فيها وفي كل من فيها وفي كل ما فيها، حتى تفيض الروح إلى حيث تنتمي وإلى حيث اشتاقت وحنّت، وهناك المستراح وهنالك نهنأ..وتنتهي التساؤلات.