عزيزي يا صاحب الظل الطويل || إن لم يكًن به عليّ غضبٌ فلا أبالي..


عزيزي يا صاحب الظل الطويل، مضت أيام كثيرة منذ آخر نصٍ كتبته لك.. 

أحاول في الآونة الآخيرة تقبّل بعض التغيّرات الجذرية غير الطارئة، المُتعِبة غير المقبولة التي تحدث بتوالٍ في حياتي، وادعو الله كل يومٍ وساعة بأن يُنير بصيرتي بما يكفي لأفهم حكمته وراء ما يحدث، أو أن يُلهمني الصبر عليها والكثير من الرضى بها، والله يعلمُ أنّي بفضله رضيت وأهمسُ له بيني وبيني: "إن لم يكُن بك عليّ غضبٌ فلا أُبالي" 

ذقت لذة القُرب من الله ومناجاته وحُبّه، التمست ألطافه في خطواتي الصغيرة المُتعثّرة، تبرّأت له من كل حولي وقوتي، بكيت بين يديه داعيةً له أن يرشدني دائمًا لصواب السبيل، وأن يلهمني رُشدي، وأن لا يحمّلني ما لا أطيق، وأن يؤنس قلبي به وبطاعته، وأن لا يضع في طريقي من لا يخافه فيني، وأن يحبّني حبًا يدخلني به في رحمته، وأن يُبارك لي أينما كنت، وأن لا يكلني لنفسي طرفة عين فأهلَك وأُهلِك.

تأملت كثيرًا نعمه لي في المنع والعطاء فبكيت لقلّة رضاي وخشيت على قلبي وساوس شيطانٍ رجيم، يحول بيني وبين رحمة خالقي، بكيتُ استحياءً منه ومن رحمته المحيطة بي رغم بضاعتي المزجاة، واستهانتي بصغائر الذنوب، وقلبي المتردد، وقرارات الإنابة المتذبذبة، وضعف الحيلة.

فكان دائمًا لطيفًا بي، يُرسل لي رسالة تلو أخرى، تارةً للتنبيه، وأخرى لاختبار مدى صدقي وتمسّكي، وأخرى للابتلاء وتكفير الذنوب ولرفعي درجة، والأخريات لألّا تأخذني العزة بنفسي ولألّا أغتر ببِرٍّ صغير فعلته وتناسيت بأنّه هو من يسّرله لي ثم بإذنه يجازيني خيرًا عليه! 

فتعلّمت بفضله أن كل ما يحدث لنا في هذه الدنيا هو خيرة وإن لم نٌدركها تمام الإدراك، وأن كل تجاربنا الحياتية - والقاسية على رأسها - ما خُلقِت إلا لتمنحنا سِمات جديدة تُعيننا على المُضيّ برُشدٍ ونضج وفهم وحِكمة، وقدرات أكبر على تخطّي الأزمات بقلبٍ شجاع لم تفقده نوائب الحياة حبّ المحاولة من جديد وفضول الاكتشاف والتجربة والتعرّض لكل ما هو جميل..

عزيزي يا صاحب الظل الطويل، لا أخفيك سرًا أني ومع كل ما يحدث أشعر بسعادة ونشوة لا أعلم سرّهما أو ربّما أستطيع تخمينه بشكل ما ولكن سأختار الاكتفاء بالشعور بصرف النظر عن أسبابه وعوامله.. لديّ الكثير مما يستحق الرواية والمشاركة والتفكير والتأمل، أحاديث تُحكى في ليالٍ صيفية هادئة تحت ضوء القمر في منتصف شهرٍ هجري، تداعبنا بين فيّنة وأخرى نسمة هواءٍ باردة، جلوسًا على أحدِ السواحل أو الشواطئ رفقة صديق مستمع جيّد، متفهّم، واسع المخيّلة متحمّس غير ملول.. 

ربما سأكتب لك كثيرًا خلال الأيام المقبلة، وربما ستنعدم كتاباتي وسأحتفظ بها ففيها الكثير من أسرار نفسي وعقلي وشعوري، أسرارًا لا أريد لها انكشافًا.. 


تعلم أن حديثًا بيننا لا ينقطع

دُمت بخير، دُمت قريبًا من الله مسترشدًا بهُداه 

الأكثر قراءةً

في عيدهم المزعوم

فاللهم أنت الصاحب في الحياة!

في يوم المرأة العالمي || المرأة المسلمة لا تحتاج للتمكين