عزيزي يا صاحب الظل الطويل || عليكً أن تكون فخورًا بي


 

عزيزي يا صاحب الظل الطويل.. اشتاق أن اكتب لك رغم قُرب آخر مراسلة بيننا - زمنيًا - ولكنّها قلبيًا أشعر كما لو أنه مضى عليها أدهُرًا.. وفي هذه الأدهر مرّت بي الكثير من العواصف ولكنّ جذوري كانت راسِخة مُقاوِمة، فقدتُ فقط بعضًا من بتلاتي ولكنّها ستنبت مجددًا كعادتها.

ولأجعل حديثي واقعي أكثر سأقول: قد مرّت بي الكثير من المشاعر المُتعِبة والمُتعَبة، لم تزعزع إيماني الرّاسخ، لم تلوّث قلبي النقيّ، ولم تسلُب منّي مشاعر الحُب والعطاء، ولكنْها رغم هذا - يا صديقي - قد أبكتني كثيرًا وأرّقتني بضع ليالٍ، وكالعادة لم يلحظ أحدٌ هذا إلا رفيقتي التي تُشاطرني السكن! لا أخفيك سرًا كانت تحاول تخفيف وطأة الألم، عانقتني كثيرًا وبكت معي..

ربّما تتسآءل الآن، ما سبب كل هذا الحزن؟ هل إلى هذا الحد أتلذذ بالألم؟ هل أتعمّد أن "أتدلل" حتى ينتبه إليّ أحدهم؟ هل أنا طفلة إلى هذا الحد؟ أم فقط أنا شخص فائض المشاعر أُبالِغ في انفعالاتي؟

ببساطة سأُجيبك، لن أعاتبك لطرحك الكثير من الأسئلة وتظاهرك بأنّك لا تعرف إجابتها وأنك لا تدرك حقيقة شخصيتي وأفكاري، فأحيانًا يحبّ الإنسان أن يُكثر سؤال محبوبه لا ليعرف الإجابة، وإنما لأنه يتلذذ بسماع حديث من يحبّ وإن كرره للمرة الألف بعد المئة! سأغفر لك هذه المرة..

أريد أن أخبرك أولًا بأنه يجب عليك أن تكونَ فخورًا بي هذه المرة - وإن كنت دائمًا تفعل - بأنّي كُنتُ قد أُختُبِرت في مبدأ لا أتنازل عليه، بمقابل رائع ولكنّي غلبت نفسي وبقيتُ على ثغري واستمسكت بمبدئي.. إني أحبّ العيش بضوابط خصوصًا تلك المخالفة لهواي. 

اتّصل بي شخصٌ، هو أعزّ على قلبي من هذه الدنيا ومافيها وما عليها، روحي فداءً له هيّنة، شخصٌ إن سألتُه نجمة، آتاني بالمجرّة.. وأوّل مرة، يبكي هو وأصمتُ أنا، يتألّم هو فأتألّم أضعافًا، يشتكي قهرًا فأشعر كما لو أن ظهري قد قُصم، يتحدّث عن ما يشقيه قائلًا: سامحيني، ولكنّ ليس لي من بعد الله من يسمعني ويحتويني غيرك!

تمالكتُ نفسي كي لا أُشعِره بوطأة حديثه على قلبي، لعبت دور المُحتَوي بهدوء، انصتُّ له بكُلّي، تمنيت عناقه والنظر في عينيه لعلّي أُسكِن له وجعًا لا تُسكِنُه الكلمات.. ولم أبرح حتى استطاع أن يستعيد بعضًا من نفسه وقلبه.. وأعتقد بأنّي قد نجحتُ في ذلك..

 

عشت أيامًا سيئة عجزت فيها حتى عن التفكير في نفسي ومخططاتي، كل ما أردته أن أتقبّل ما يحدث لي ولأحبابي برضا حتى يرضى عنّي الله.. ورضيت


آخيرًا..لا أخفيك سرًا، أنا كغيري من الفتيات أُحبّ أن أُدَلَّلْ وأن تؤخذ أصغر مشاكلي - كظهور بثور في وجهي مثلا - على محمل الجدّ أي وكأنّها قضية تزلزل العالم، أحبّ أن أُهدَى وردة دون مناسبة، وأن تُكتَب لي رسالة يعبّر لي أحدهم فيها عن مدى انبهاره بطريقة تقطيعي للطماطم، أو أن تُهدى لي أغنية ذات رتمٍ مميز.. ولكنّ الحياة تأتي أحيانًا عكس ما نُحبّ - ولستُ ساخطة - فأنا أحاول تدليل نفسي قدر المستطاع ولكنّي أحيانًا أغفل عنها فأحمّلها فوق طاقتها بتدليلي لغيري فأنا أعيش بمبدأ: فاقد الشيء يعطيه بالشكل الذي تمنّى أن يحصل عليه.. فتراني أعطي حدّ الإسراف.. 

ورغم كل ما حدث ويحدث، لا أُبالي، مازلت محبة للحياة ولكل ما هو جميل، لازال قلبي مفعم الحيوية، وأنا انتظر بيقينٍ أيامًا جميلة قادمة تُعيدُ فيّ بعض الذي ضاع منّي في رحلة البحث عن شيء لا أعرفه، ولكنّي سأجده وسيعرفني وأعرفه..



صديقي، اعلم أن حديثًا بيننا لا ينقطع، دُمتَ بخير

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

لأنّه كامنٌ فِيك

في يوم المرأة العالمي || المرأة المسلمة لا تحتاج للتمكين

الضربة اللي ما تقتلكش، تقوّيك.