فرحة تُعيد لنا إشراقة أرواحنا.. فقد ذبلنا!


  

لا أخفيكم سرًا يا رفاق.. هذه الأيام، وكغيري كثير أشعر بالعجز حيال كل شيء، حتى أكثر الأشياء إعتيادية، ربّما أمارس بشكل طبيعي روتين يومي العادي جدًا الغير متطلّب للكثير من الجهد المبذول، ولكنّي رغم بساطته أجرّ نفسي له جرًا كي أُنجِزَ شيئًا وأصنع فارِقًا؛ فأنا أكره وبشدة شعور العجز والاستسلام مهما كان الوضع لا يُطاق ويصعب تحمّله.. إلًا أن لأنصاف الخطوات ضرورة! خصوصًا في هذه الأيّام، فما النصر على النفس إلًا أنّه جزء من النّصر على الغاصب، وكلاهما عملية تراكمية وعملٌ دؤوب ومحاولات متكررة..

في هذه الأيام السيئة، والتي غطّى فيها الحُزن كُلّ الزوايا، وهبطت علينا هالةٍ من اليأس والضعف، أتذكّر كثيرًا لُطف الله، وكيف له أن يمسح برحمته على قلوبنا فيُحيينا من جديد، وكيف لأيّامٍ صعبة قد عشناها آنِفًا لكنّها اليوم مجرّد ذكريات لا تكاد تُذكَر حتّى- كيف لها أن تمضي كأنّها لم تكن!
وأتذكّر كثيرًا لحظاتٍ جميلة كنت فيها وبها سعيدةً، فأجدها سلواي وتصبح كملجئي الوحيد لتُعيد إليّ توازني النفسي حتى أستمرّ في العبادة والعلم والعمل تارّة، وفي الضّحك والهزل وخفّة القلب وروحِ الطفولة تارّة أخرى..

 


فمثلًا أتذكّر أيام العيد الماضي - ولن أُبالِغ إن قُلت بأنّها أجمل أيام قضيتها في حياتي - فقد لعبت فيها مع الأطفال في ساحة مسجد الفاتح ساعاتٍ لم أشعر بمرورها لشدة سعادتي بهم آنذاك، وفرّقت -رفقة صديقة لي ذات قلبٍ جميل- الحلوى التي غلّفناها بالألوان والورود على الكبير قبل الصغير، ورأينا الفرحة في أعينهم، وسمعنا الدعاء وكلمات الشكر والثناء بمختلف اللغات والإشارات.
لقد أطعمت النوارس أثناء رحلتي في العبّارة بكل سعادة، واشتريت طوق وردٍ وضعته على رأسي وتجوّلت به في أرجاء جزيرة جميلة تخلو من ضجيج السيارات والمصانع والناس الغاضِبة- فشعرت كما لو أنّي أميرةٌ هاربة من ضيق قصرها إلى سَعة روحها التي تجدها بين أحضان الطبيعة رفقة الأطفال والقطط والطيور والأشجار مُنصِتَةً إلى هدير أمواج البحر، سارِحةً في اللاشيء.. 
فينتابني شعورٌ من الجمال يخترق تلك السوداوية المحيطة بي، يربّت على كتفي، يهمس في أذني بأن الحُزن زائل، وما بعدَ همّ إخوتنا وما يعانوه من ظلم وقهر وما نعانيه نحن من عجزٍ - إلا فرجًا وسعةً وفرحة تملأ القلوب والأرجاء..


فاللهم فرحة تُعيد لنا إشراقة أرواحنا.. فقد ذبلنا!

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

في يوم المرأة العالمي || المرأة المسلمة لا تحتاج للتمكين

لأنّه كامنٌ فِيك

في عيدهم المزعوم