الضربة اللي ما تقتلكش، تقوّيك.

 



 "الضربة اللي ما تقتلكش تقوّيك" 

هكذا حدّثت نفسي بحزم وبعض من القسوة حينما علمت بأن ما كنت أحاول تحقيقه طوال مدّةٍ ماضية قد فشل وقد حققت فيه إخفاق ذريع يرمي بي من أعلى قمم الآمال وتوقّع المُرضي إلى قاع اليأس والتحطيم وتصدّع يتخلخل أعماق القلب، هنا فقط علمت المعنى الحقيقي أن السعي والاجتهاد لتحقيق غايةٍ ما لا يعني بتاتًا حتمية الوصول لها، وأنني كان يجب عليّ توقّع الإخفاق كما توقعت السداد تحسّبًا لأي صفعة. 
ولكن ماذا عساي أن أفعل لروحٍ يداعبها الحلم لروحٍ في حقيقتها جُلّ حلم وبضعة بشر، لروحٍ تأبى إلا أن تصل ولو بعد حين، لروحٍ تتنفس طموحات ورغبات وسط بؤس هذا العالم، لروح تحاول الإستناد على جماحها للتوازن على أرض تترنح فهي بالكاد تستطيع تحمّل اللا معنى الذي يملأ الأرجاء.. 
ولكن..
تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، إنما هذه المرة تأتي الأعاصير من حيث لم نحتسب لتطيح بكل ذلك العناء أرضًا وكأننا في منافسة شرسة مع الحياة، لتختبر صبرنا وقوانا وننافسها بكل ما أوتينا من أمل أننا هنا بالذات سننتصر..
ولكنها كانت الأقوى هذه المرة فهنيئَا لها بما آلت إليه، هنيئا حقًا! 
نصول ونجول بين أزنقة الدنيا، تارةً نحمل في جوفنا الكثير من الحياة وتارة الحياة تحملنا بخيباتنا في جوفها..
وهكذا هي سُنة الكون منذ بدء الخليقة، بين تحقيق وإخفاق، بين همة عالية وفتور، بين تحسين وركود، بين الكثير من الأمل في أن يصبح القادم أجمل..الكثير والكثير منه ولا غير الأمل..

نأيت بنفسي رأفة بها حتى لا يُصيبها مًصاب بعد صدمة قاسية كهذه، أحدّثها لأسلّيها وأنسيها مالا يُنسى، أذكر لها محاسنها وحسن محاولاتها ونجاحاتها السابقة، أذكرها بأنها لن تضيع سدًى وما حدث لم يكن ليحدث إلا لحكمة لا ندركها أنا وهي، ولسنا حقا في موضع إدراكها هذه اللحظة. 
أحاول مواساتها وهي تذرف الدمع بغزارة ماسحةً الدمع عن وجنتيها؛ محاولةً أن أمسح بلطف عن قلب أراد وقدرٍ لم يُرد، مستعينة ببضعة كلمات مشتتة جدًا، ففي هذه اللحظة تحديدا لا يوجد إلا الكلمات لتُقال مُقللة من وطأة ما تشعر به،
لعل الكلمات تضمد تصدّعات روحها الحالمة وتنهي وابل التساؤلات وإنهيار الدمع.

يا أنا أنصتي وأعي بأن كل ما يحدث لنا في هذه الدنيا مقدّر والله قدّر كل هذا والله كفيل به، الله يعلم؛ وهنا تمام الاطمئنان، لن يترك الله قلبًا لجأ إليه حائر، وما شاقّ قلبًا آمن بخيرة أحداث هذه الدنيا طالما أنها من ربّ أنزل كل الأقدار بالخير، فلا تقلقي ما يحدث لك خير وكل الخير، لست وحدك ولست أول من آمن بفكرة أخفقت ولست أول من حاول واجتهد وبذل، وفجأة كل ما فعله ذهب سُدَى..!! 
والحقيقة أنه لن يذهب سدَى إذا أمعنت النظر في لطف الله لك في كل ما هو حولك وفي كل ما مررتِ به سابقًا. 
أعلم حقا بأن القلب إذا رغِب البعيد هَلك وهُلِك وأن العقل إذا أراد الصعب عَذّب وعُذّب وإذا اجتمعا قلب يرغب وعقل يريد في روحٍ واحدة هلكوا وعذّبوا، ولكن إذا آمنا بخير الميسّر لهما وأيقنا بأنه لن يضيّعها وما حرمهما إلا ليرحمهما، وما اختبرهما إلا ليرفعهما درجات في الدنيا وفيما بعد الدنيا؛ سكنتهما الطمأنينة وبٌثّت فيهما الآمال من جديد. 
يا نفسي، هكذا هي دنيانا بين فقد لشخص عزيز ومنصب ومال وحق ورغبة وحلم..
وكسب لما هو غير متوّقع ولما هو بعيد كل البعد عن أي تصوّر..
أما علمتِ أن ما هو مقدّر إليك سوف يأتيك ولو أنه محمّلا على ظهر عدوّك!!
أما علمت أن الله لا يحرم إلا ليرحم ولا يأخذ إلا ليُعطي!
أما علمت أن سعيك لن يضيع هباءً وأنك ستعوّضين فرحةً لن تُنسى..!!
لن تشعري بقصورك كإنسان واحتياجك للحظات الصعبة لتصنع منك شخصًا أقوى إن امتلأت كل لحظات حياتك بالنجاحات والسعادة وإنتصار يتلو الآخر..
والوصول لكل ما تطمحين له ولأجله، فكيف إذا ستكونين أقوى وأصلد وأفضل؟

أُدعوا الله أن ينزل لطفه على قلبك الحاني وروحك الحالمة، وشدّي الرحال لأمل آخر وطموح أكبر بهمة أعلى، طالما مزال القلب ينبض والعين تبصر والعقل يفكّر إذًا لم تخسري شيئًا، والوقت كفيل بأن يُثبت لك بأن الخير وكل الخير فيما أختاره الله لنا، وتلك اللحظة المنتظرة ستأتي ولو بعد حين..ستأتي طالما أن يقينك وإيمانك بالله لم يفتُر وإيمانك بذاتك وبقُدراتك لم يقِل..

وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائمُ
والضربة اللي ما تقتلكش تقوّيك..
x

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

في يوم المرأة العالمي || المرأة المسلمة لا تحتاج للتمكين

لأنّه كامنٌ فِيك

في عيدهم المزعوم