إجتماعي أم إنطوائي



أنتم المنعزلون المتوحدون، كثيرو التذمر، قليلوا الكلام، الإنطوائيون الكارهون للناس والمكروهين، تبتعدون عنا وكأنكم الملائكة ونحن الشياطين، لا نراكم في تجمعاتنا ولا نسمع مشاركاتكم في أحاديثنا، لا سلام على قلوبكم ولا طبتم ولا طابت أيامكم..كثيراً ما نُواجه ونُتّهم بصفات ليست فينا، كثيراً ما تُلوّث أسماعنا بعبارات فضّة بلهاء تضُرّنا ولا تُمثّلنا، كثيراً ما تُشخّص مزاجياتنا بأنها أمراض نفسية يجب أن نُعالج منها حتى نندمج بين الناس في المجتمع، وكل هذا ما هو إلا أكاذيب وإفتراءات تزعجنا وتخنق أنفاسنا تكاد تقتلنا، تشخيصات تُشخّص بثقة دون أي أساسات علمية أو طبية، أوهام مجتمعية بلهاء.نحن المنعزلون في عوالمنا الخاصة، نحن من نجد الراحة والسكينة والطمأنينة في أركاننا، نحن قليلوا الكلام مع الناس كثيروا الكلام معنا، نحن من نكره إطلاق الصفات والمواصفات جزافاً لن نحكم على جمعٍ بأنهم شياطين أو ملائكة، ولا يهمنا كيف يرانا الناس، ولا نهتم بلفت انتباههم أو نيل إستحسانهم، نحن الكارهون للتجمعات العشوائية دون هدف وغاية، نحن الكارهون للأحاديث العقيمة والحديث عن فلان وغيره، نحن أولئك الذين اختاروا العيش في حضن سلام الوحدة بدل ضجيج الإزدحام، فسلامٌ على قلوبنا التي لم تكره أحداً إلا كاتب لم يُفلح في إيصال أفكارٍ نبيلة، لم نكره أحداً سوى عازفٍ لم يعزف لنا مقطوعات جديدة، لم نكره أحدا سوى من يتهمنا بهتاناً وباطلاً، طبنا وطابت أيامنا..أيامنا المليئة بالصراعات النفسية تارة والسكينة تارةً أخرى، أيامنا المليئة بكل ما هو مثير وغريب، أيامنا المليئة بالنقاشات الشيّقة المليئة بالغرابة، والأحاديث التي تثير ثورات تقوم ولا تهدأ في نفوسنا..لسنا كارهين للمجتمع لكننا نفضّل عوالمنا، لسنا بمرضى نفسيين لكننا نذهب أينما نجد مكاناً يناسب ذوقنا، وحِسُّنا، وميولنا وإهتماماتنا..لسنا بإنطوائيين لكننا إنتقائيون وهنالك فرقنحن إجتماعيون مع من هم مثلنا، إجتماعيون مع أولئك المسالمون، ذوي الهدف والغاية في الحياة، أولئك مجنوني الكتب والحروف، المغرمين بالأفكار الجديدة، أولئك المليئة أحاديثهم بمصطلحات أدبية وعلمية وإحصائيات عالمية، وأبيات شعر وأقوال حكماء، المتحدثين عن المؤامرات والنظريات، المتحدثين عن الأجرام والسماوات، عن ألأديان والمعلّقات، عن الماضي وكيف كان، وعن المستقبل وكيف يمكن أن يكون، عن لذة المغامرة والإستكشاف، عن مرارة الركود ومنطقة الراحة، أولئك المشاغبين من تصيبهم هستيريا الضحك دون سابق إنذار، يتبادلون النكات والتفاهات بأرواحهم الطفولية، أولئك المضمدين جراحهم بالفنون والألوان والموسيقى، أولئك الحقيقيون الكارهون للتصنع ولو بمثقال ذرة، نحن من هذا الصنف وهذه الطبقة نحن من نتعلم الكثير وعلمنا قاصر ساعين لمعرفة الجديد دائماً، نحن من نتمرد على حدود مجتمعاتنا الغير منطقية نكسرها كسراً ونمضي إن كانت ستحصر فِكرنا وأفكارنا، إنتقائيون ولسنا إنطوائيون ننتقي من هم قريبين منا، وننطوي عن من هم بعيدين كل البعد عنا، عن المصطنعين السلبيين المقتحمين لحيواتنا وخصوصياتنا عن المعتدين عن حرمة مشاعرنا وأحاسيسنا وأفكارنا.ليكن لي عالمي المليئ بما يعجبني ويسعدني ويلائم فكري وأفكاري وجنوني، ولكم عالمكم المليئ بكل ما هو لا يُناسب بشريّتي!.

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

في يوم المرأة العالمي || المرأة المسلمة لا تحتاج للتمكين

لأنّه كامنٌ فِيك

في عيدهم المزعوم