"كتابك استقرئ"



المقال الذي شاركت به في المهرجان الأدبي لإبداع اليافعين والذي حصلت به على 

الترتيب الثاني على مستوى ليبيا



استقرأ الأمر أو الشيء: استقراه تفحصه بعناية وتتبعه لمعرفة خواص.



أود أن اتحدث في هذه المقالة عن القراءة و أهميتها في حياة الفرد والمجتمع, وتأثيرها الكبير سوآءا كان على مستوى شخصي أو مجتمعي, فجميعنا نعرف أن القراءة مهمة جدا ونعرف إفادتها لكن لا يمكن إدراك هذه المعرفة إلا لمن فعلاً وصل إلى الكتب وقرأ العديد منها, سيشعر حقاً بالتأثير الذي لمس عاطفته وطريقة تفكيره وعقليته وربما حتى عادته, وكيف أن ثقافته تتسع مع كل كتاب جديد, ولا ننسى أيضاً أن أول أمر نزل على سيدنا صلى –الله-عليه وسلم كان (اقرأ) وحتى أنه لم يؤمر مرة واحدة إنما تكرر أمر القراءة من الملك جبريل مرتين وثلاث مرات وكان الرد من رسولنا في كل مرة (ما أنا بقارئ) فكيف لمن لا يقرأ أن يبعث بشيراً ونذيراً ورحمةً للعالمين؟
نعرف من هذه القصة أن القراءة هي مفتاحٌ لكل شيء حتى ديننا ورسالة نبينا بدأت بــ(اقرأ) .
نتسارع جميعنا لأخد نصيبنا من الثروات والمال في هذه الدنيا لكننا هل نتسارع لأخد نصيبنا من العلم والمعرفة, التي تُعِدُّنا لمواجهة الحياة والرقي بها وفيها ؟؟
فإن كنَّا لسنا بقارئين.. فكيف لنا أن نأخذ ذلك القدر من المعرفة التي نستطيع بها على الأقل فهم ومواجهة حيواتنا كما ينبغي .. ببساطة كثيرٌ منا لا يدرك أن القراءة تفتح النوافذ على المطلق, وأنها ترتقي بك إلى آفاقٍ لا يحدها حدُّ مكانٍ ولا زمان ... فاقرأ لترتقي .


- لماذا الشباب لا يقرأ ؟!

يصطنع معظم الشباب في وقتنا الحالي الحجج لتبرير عدم قراءتهم للكتب مثل أنا لا أملك الوقت الكافي لأقرأ "إن شاء الله غير نقرا قرايتي"
او تحت فكرة "ماذا ستستفيد لو فتحت كتاباً" أقول لك "ماذا ستخسر"



أو مثلاً القراءة مملة..!
أريد أن أنوه على هذه النقطة بقول أن الصبر على القراءة فن مكتسب فهو لا يولد معك, إنما تكتسبه, عندما تجاهد نفسك على إنهاء عشر أو عشرين صفحة من كتابٍ ما, وأنت تأمل أن تقضي على نعاسك وتثاؤبك المستمر.. حتماً ستجد نفسك في كل مرة يمكنك قراءة المزيد من الصفحات بنسبة ملل أقل أو حتى دون ملل , لأنه عندما يكره الإنسان نفسه على مالا تشتهي في البداية, ستأتيه هذه النفس في النهاية بما تشتهي.. إنها فقط مسألة رغبة مع القليل من الصبر ليس أكثر.
فإذا أردت ستقدر ..


يوجد من لا يقرأ بحجة أن القراءة مملة.. بينما يوجد من يقرأ لأنها ممتعة !!

هؤلاء القراء أصناف ,ربما بدئوا هذه الرحلة المثيرة منذ الصغر حيث بدئوا بالقصص المصورة الممتعة وصولاً إلى الكتيبات الصغيرة ثم الكتب فالمراجعات, أو ربما كان يائساً عابراً من أمام مكتبة ما وهو يرجوا تغيير مسار حياته فقرر الدخول و تجريب كتاب ما.. أو ربما رأى صديقاً قارئاً ,فأراد أن يشاركه هذه الهواية أو دعونا نقول هذه الضرورة فنصحه صديقه بالكتاب الذي غير طريقة تفكيره مثلا فقرأ .. أو ربما كان متصفحاً لمواقع التواصل الاجتماعي و وجد إعلاناً لإحدى المنتديات أو مشاريع القراءة الصغيرة ذات المبتغى الكبير التي ربما لو انضمَّ اليها ستقوده إلى مسار وطرق جديدين مختلفين.
هكذا تبدأ مسيرة القراءة بصدف لطيفة تدخل إلى عالم التغيير و الإيجابية النابعة من الكتب.
وأعتقد أن مواقع التواصل الاجتماعي قربتنا وعرفتنا على ثقافة الغرب خاصة من جانب تجاربهم مع قراءة الكتب, وهي إحدى التجارب أو العادات الجيدة التي يجب أن تؤخذ منهم كما تؤخذ صيحات الموضة والأزياء.


-كيف يمكن نشر ثقافة القراءة بين الناس ؟

يجب أن تنشر هذه الثقافة بين الجميع بطريقة أو بأخرى..
علاقتنا نحن كمجتمع مع الكتب يفتقد بعض الجوانب من الوعي والثقافة لأننا لا نقرأ سوى الكتب التي تحمل عناوين كـ "كيف تصبح مليونيراً" أو "كيف تضاعف راتبك" أو حتى "تعلم الصينية في 10 أيام" هذا النوع من الكتب هو الذي يباع بالكم الهائل في مكاتبنا القليلة, لأننا مجتمع يريد دائماً المكافئات بالماديات والأموال, انا تنمية الفكر وتطوير الذات ليس من ثقافتنا لذلك لا نهتم كثيراً بتلك الكتب التي تحمل رصيدا معرفيا جيداً ,و نجد هذه الكتب مغطاة بالغبار في المخازن..
لذلك يجب أن ننشر فكرة أن مع نهاية كل كتاب ليس بالضرورة الحصول على مبلغ مالي أو جائزة مادية مثلاً.
انما نحن فقط نقرأ لمُرادِ معرفي.



وهنا سأذكر بعض الطرق التي أعتقد بأنها ستساعد على نشر ثقافة الكتب بين الصغار والكبار برسالة التعلم والمعرفة والثقافة وتنمية الفكر ... وغيرها من تأثيرات الكتاب على النفس مثل:
1- وضع الكتب والمجلات والقصص ذات الصور والألوان اللطيفة في مكتبات رياض الاطفال والمدارس وتخصيص حصص للكتب وترغيب النشء ليخطوا الخطوة الأولى في درب القراءة.
2- الإكثار من المكتبات ليس بغرض التجارة فقط وإنما بغرض التأثير, مع الاختيار الجيد للكتب.
3- إنشاء أندية تشجيعية خاصة بالقراء ليقرئوا المزيد وتشجيع وخلق المنافسات للقراء الجدد.
4- نشر فوائد وتأثير القراءة في وسائل الإعلام والتي هي محط أنظار جميع الفئات و الأعمار.
5-على من خاضوا رحلتهم في القراءة واكتسبوا الخبرة وقرأوا مئات الكتب الأخذ بيد المقبلين حديثاَ وتوجيههم إلى الجادة الصحيحة حتى يتمكنوا من اختزال الوقت حتى يغوصوا في اعماق القراءة أسرع.
ربما هذه الأفكار البسيطة التي تقوم بها الشعوب المهتمة بالقراءة والتي بالفعل أحدثت وستحدث التغيير و الإقبال على الكتب بشكل كبير.



وفي النهاية لا يسعني سوى أن أقول أنّ القراءة وحدها هي التي ستغير من ثقافاتنا وربما حتى بعض من عادتنا وتقاليدنا التي لم تتغير منذ عقود رغم عدم منطقيتها لكننا غير مدركين لذلك لأننا لا نقرأ
فكما يقولون قارئ اليوم هو قائد الغد فلنقرأ اليوم لنكون قادةً للعالم والأمة أجمع فإذا حكم بلادنا حاكم قارئ حتما سيعم العدل والسلام والرخاء أرجاء البلاد.
ولا ننسى بأن خلفاؤنا العرب هم أول من ألف الكتب واهتم بالعلم والمعرفة.. لكن اللوم علينا نحن لأننا لم نهتم من بعدهم ولم نكمل مسيرتهم في كتابة وتأليف ونشر الكتب.
لذلك نحن لا نقرأ
فكيف لأمة (اقرأ) أن لا تقرأ

 ؟!

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

في يوم المرأة العالمي || المرأة المسلمة لا تحتاج للتمكين

لأنّه كامنٌ فِيك

في عيدهم المزعوم